تعتبر الأهوار الغنية بالحياة البرية والمائية والمفعمة
بالفرص الاستثمارية الواعدة والواقعة جنوبالعراق، أماكن فريدة يمكن أن تدر ذهباً لسكانها
وأهالي المحافظات التي تضمها الحالمين بوضع معيشي أفضل.
الطموح بوجود محميات طبيعية ومتنزهات وطنية على
مستوى عالمي في العراق بات ممكن التحقق في حال أحسنت إدارة الأهوار والأراضي الرطبة
في البلد، وذلك بعد أن مدت منظمات دولية وأممية وفي مقدمتها الاتحاد الدولي لحماية
الطبيعة
"IUCN" يدها لمساعدة العراق في هذا الشأن.
يد ممدودة للمساعدة
يقول المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة "IUCN" - مكتب غرب آسيا، فادي الشريدة، في حديث لـ السومرية نيوز، "لدينا
زيارات متكررة للعراق، ونعمل على الأرض"، مؤكدا أن "الاتحاد يعمل على مساعدة
وزارة البيئة العراقية على بناء قدرة وتقديم دعم فني، فضلا عن ترتيب ورشات عمل وتبادل
خبرات مع دول أخرى".
ويتابع الشريدة، أن "الاتحاد لديه قائمة تدريبات
خاصة بوزارة البيئة العراقية والجهات المعنية بالبيئة في العراق، حول إدارة المحميات
الطبيعية"، موضحا أن "دور الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة هو الخدمة في الدول
المعنية بمعزل عن المواقف السياسية، وذلك عبر تقدم الدعم الفني للدول التي تواجه مشاكل
بيئية، وليس التدخل في السياسة".
ويوضح الشريدة، أن "البيئة هي مسؤولية جماعية
ولها علاقة ببناء القدرة ورفع الوعي".
وبخصوص وزارة البيئة العراقية، قال الشريدة، أن
"الوزارة هي عضو حكومي في الاتحاد"، مؤكدا بالقول، "لدينا أنشطة في
العراق، والاتحاد الدولي لحماية الطبيعة يعمل في العراق على الأرض وليس من الخارج".
ويوضح الشريدة، أن "الاتحاد قبل أسابيع خرج
بخطة لإدارة الأهوار من خلال عمله مع العرق".
والاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة "IUCN"، هو المنظمة البيئية
الأولى في العالم تأسست في الخامس من تشرين الأول عام 1948، ويعد أكبر شركات العالم
من حيث معلومات البيئة ويقع مقرها في جنيف بسويسرا، ويضم أكثر من 200 حكومة و1000 منظمة
غير حكومية وحوالي 10 آلاف متطوع في 160 دولة حول العالم.
تحديات ومشاريع دولية
من جانبه، يقول رئيس لجنة إنعاش الأهوار في مجلس
محافظة البصرة ربيع منصور في حديث لـ السومرية نيوز، إن "المجلس يسعى بجدية تامة
الى تحويل مساحات شاسعة من الأهوار الوسطى الى محمية طبيعية معترف بها دولياً على غرار
محمية الصافية في هور الحويزة"، مبيناً أن "هناك دراسة على وشك الانجاز بهذا
الصدد يشارك في إعدادها خبراء أجانب، كما عقدنا في الآونة الأخيرة سلسة اجتماعات تنسيقية
لإنضاج المشروع".
ويلفت منصور الى أن "المناطق المشمولة بالمشروع
عندما يتم اعتبارها محمية طبيعية فإن ذلك يفسح المجال أمام المنظمات والهيئات الدولية
للمساعدة في حماية وتحسين بيئة تلك المناطق، وخاصة فيما يتعلق بامتدادها بالمياه"،
مبيناً أن "التحدي الأخطر الذي يهدد الأهوار يتمثل في انخفاض مناسيب المياه التي
تغمرها وزيادة نسب التراكيز الملحية فيها".
ويؤكد منصور، أن "بيئة الأهوار تدهورت بشدة
من جراء شح وملوحة المياه، كما أن تمدد المشاريع النفطية ألقى بظلاله سلباً في غضون
الأعوام القليلة الماضية"، موضحاً أن "ذلك الحال أدى الى تناقص أعداد الطيور
والأسماك والنباتات، كما دفع بالكثير من سكان الأهوار الى النزوح الى مناطق أخرى".
محميات عراقية وتعاون واعد
وتقول خبيرة المياه المخضرمة والعاملة في كلية دجلة
الجامعة، مها رشيد في حديث لـ السومرية نيوز، "منذ عام 2006 وضعت خطة مشتركة لإعلان
الأهوار الوسطى والمركزية محمية وطنية طبيعية"، مبينة أن "الخطة متكاملة
اقتصادياً واجتماعياً، وتضمنت تطوير البنى التحتية في أهوار الجبايش".
وتضيف رشيد، أن "هور الحويزة المشترك بين العراق
وإيران منحت له أولوية على مستوى التعاون الدولي والاتفاق مع الجانب الإيراني من أجل
أن تخصص حصة مائية له وضمان استمراره"، مبينة أن "اتفاقية رامسار للأراضي
الرطبة ومقرها إيران، هي فرصة من اجل فتح باب تعاون مع طهران للمساعدة في موضوع هور
الحويزة".
وتوضح رشيد، أن "اتفاقية رامسار أخذت صدى عالمياً،
وتضم نحو 180 دولة"، مشيرة الى أن "هور الحويزة أدخل عام 2008، كأول موقع
عراقي ذات أهمية دولية ضمن إطار اتفاقية رامسار".
يذكر أن اتفاقية "رامسار" هي معاهدة دولية
للحفاظ على المناطق الرطبة ووقف فقدانها، وتنمية دورها الاقتصادي، والثقافي، والعلمي
و قيمتها الترفيهية، وتحمل الاتفاقية اسم مدينة "رامسار" في إيران، وهي تضم
في مظلتها أكثر من 1888 موقعاً بمساحة تقدر ب 1.8 مليون كيلومتر مربع موزعة على
159 بلدا، منها منطقة حقول التقطر شمالي مدينة مونستر في ألمانيا، وعقدت في أيار
2010.
وتعود رشيد لتلفت الى "جرد أكثر من 200 موقع
على مستوى العراق بضمنها إقليم كردستان، وضمن مرحلة أولى تم الاتفاق على 32 موقعاً
منها لبدء العمل فيها وجعلها مواقع بيئية دولية، وأعطيت أولوية ويجري مسحها اقتصادياً
واجتماعياً وبيئياً"، موضحة أن "هذه المناطق ستدخل ضمن المواقع ذات الأهمية
الوطنية، مع إعداد أطلس وطني يتضمن كل المعلومات اللازمة عنها، وهي متنوعة ما بين بحيرات
وغابات وأهوار وينابيع".
وبينت رشيد، أن "بحيرة ساوة في محافظة المثنى
جنوب العراق، أدخلت في شهر تموز الماضي، ضمن إطار إتفاقية رامسار، وفي نهاية تشرين
الأول الماضي أدخلت أهوار الحوزية والحمار وأصبح هناك أربعة مواقع معلنة على أنها محميات
عراقية وذات أهمية دولية"، مشيرة الى "وجود خطة لتطوير الأهوار المركزية
وجعلها متنزهاً وطنياً تتضمن فعاليات علمية والنشطة اقتصادية، وليس فقط محمية".
وبشأن الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة - مكتب غرب
آسيا
"IUCN"،
قالت رشيد، "مهتمون بتطوير التعاون مع المنظمة، وهذا بدأ من خلال تعاون مركز إنعاش
الأهوار مع المنظمة ضمن إطار اتفاقية رامسار"، مؤكدة أن "الاتحاد الدولي
لحماية الطبيعة لديه أنشطة متعددة في العراق ضمن إطار الاتفاقية".
وتقول خبيرة المياه مها رشيد، "لدينا مبادرة
سيتم طرحها خلال الأشهر المقبلة للحفاظ على الأهوار والأراضي الرطبة في بلاد ما بين
النهرين تتضمن تبادل معلومات وإنشاء نظام متكامل لهذه الأراضي بالتعان مع الدول الإقليمية"،
مشددة على أن "هذه المساعي بحاجة لدعم من قبل المنظمات البيئية الدولية، وفي مقدمتها
منظمة الـ(IUCN)، صاحبة الاتصالات
الواسعة والحضور في مختلف دول العالم".
وبينت رشيد بالقول، "نسعى للتواصل مع المنظمات
الدولية، وخلال الشهرين المقبلين ستكون هناك نتائج بخصوص الأهوار أكثر من السنوات الماضية
بعد اكتمال منظومة السدود الخاصة بها والترويج لها وفتح باب التعاون".
وكان رئيس المركز الإنمائي للمياه والطاقة ليث شبر
قال في وقت سابق، إن مساحة الأهوار في العراق تعادل مرة ونصف مساحة لبنان، فيما عزا
سبب جفافها الى ثلاثة عوامل، الأول هو خارجي متعلق بتقليل الحصص المائية من قبل الجانب
التركي، والثاني يتعلق بإغلاق داعش لبعض السدود في سوريا، والثالث وهو الأهم المتعلق
بسوء إدارة الملف المائي في مؤسسات الدولة.
المصدر:
السومرية نيوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق